"أؤمن إيماناً راسخاً بأن على الفن أن يتولى الكشف عن الحقيقة العارية، وأن يزيل القناع عن الواقع المتخفي. ما نراه اليوم في العالم المحيط بنا ليس حقيقياً. الفن يتوغل إلى داخل الغطاء الخارجي المزوّر للأشياء التي نختبرها بشكل سطحي في حياتنا. وبالحفر، مروراً بالطبقات المتراكمة للادعاء، يحاول الفن الكشف عن الحقيقة التي تقبع متخفية في الداخل. إن واحدة من أكبر وظائف الفن، كما أرى، أنه يؤدي دور الوثيقة الأولية لزمنه الاجتماعي. فمن المؤكد أن الفن شكل من أشكال توثيق ردود أفعال الفنان تجاه العالم الذي يعيش فيه. لذلك فإن من أهم مهام الفن توثيق المشاعر والمدركات والأفكار التي يحملها الفنانون تجاه ما يحيط بهم. وبهذا المعنى، فالفن، بشروط وظيفته، لا زمن له. ولكن الفن، من جانب آخر، وبمقدار تعلق الأمر بمحتواه، يرتبط فعلياً بزمن محدد. فكل عمل فني يتعامل مع واقع مرحلة معينة من الزمن. إنني في حقيقة الأمر أود أن أذهب إلى أبعد حد لأقول إنه ليس ثمة شيء محض مجرد، أو تجريد خالص. كل الفن مرتبط بالواقع إلى درجة ما، أو بطريقة ما. والفن التجريدي ينقل مدركاتنا الحسية عن العالم المادي، ولكنه ينقلها بأسلوب معقد أكثر مما كان عليه الفن التشخيصي في المراحل السابقة. إنني أنظر بالتأكيد إلى الفن التجريدي بوصفه صورة أو حالة تجلٍ لطريقتنا الأكثر تطوراً في التفكير والتبصر. وبذلك، فإنني أؤيد بشدة أن على الفن أن يبقى صريحاً وجريئاً تجاه قضايا عصره، وأن عليه أن ينفذ إلى قلب الحقيقة."
- مقطع من حوار لفيصل سمرة وناديا العيسى
من كتالوج معرض فيصل سمرة - واقع محرّف
دارة الفنون - مؤسسة خالد شومان، ٢٠٠٧