فنان
اسماعيل شمّوط

فلسطين 1930 - 2006.

"تظهر لوحة اسماعيل شمّوط في العام 1984 التي تحتوي على صورة لقامة المسيح بجانب شاطئ البحر كيف يمكن للفن هزيمة خطاب البرجوازيّة الصغيرة الجماليّة، وبنفس الوقت، إدخال الفلسطيني المعاصر في قنوات الثقافة الفنيّة. ما قام به شمّوط هنا هو أخذ رواسب مشهد عصر النهضة الكلاسيكيّة – حيث يظهر جسد المسيح منزوعاً عن الصليب – ومحاكاته. أصبح هذا المسيح، بتيبّس جسده، ركيزة تكوين قوّة ودعم ومجلأ مشيعيه. إذ يحمل جذعه الأبولوني الكامل الجزء الأيمن من الصورة، بينما تعرّف ذراعه، التي تقوم بإيماءة، أفق المشهد. ويتمزج الدم الذي يقطر من ندبه المقدّسة مع الشمس الغاربة، وهو ما أصبح صدىً لتموضع جسد المسيح المنتصر. وتحته، تتكدّس الجماهير الفلسطينيّة في حالة كامنة بين الهمود والاحتمالات. مع إشاراته البصريّة للتقاليد الكلاسيكيّة الأوروبيّة وأسطورة الاستشهاد المحليّة، يزاوج شمّوط بين الخصوصية العرقيّة والمجد الكنسيّ. إذ يخلط بين فن عصر النهضة (الإيطالي) – الذي يتضح في الأشكال الآدميّة المثاليّة والتكوين المنظوريّ – مع مأساة محليّة. ويندب كل من المسيح المسجّى بالكوفيّة والنساء اللواتي يرتدين الثوب والمندل خسارتهن لساحل بلادهم الغربيّ. يمكن أن تتم رؤية جماليّة شمّوط كنداء لنيل اعتراف الجمهور الغربيّ، ولإزالة تهمة "البرجوازيّة الصغيرة"، لكنّ هذه الجماليّة يجب أن تتم رؤيتها كجهد لتجسيد صورة الفلسطينيين (والعرب) الذاتيّة. ومع أن الأمة الفلسطينيّة التي تعهّد شموّط بتمثيلها في الشكل الجسدي كانت مجزّأة ومتناثرة ومعذّبة، إلا أن عمل اللوحة يأخذها إلى كتلة واحدة قويّة ترتقي من خلال معاناتها. يدعو استخدام شمّوط للتقاليد الأوروبيّة الموقّرة بالتشكيل تحديداً لاحتمال تخيّل أمة فلسطينيّة "حقيقيّة" متأصلة بكرامتها ومعترف بها من قبل آباء الفن الأوروبيين.

تكمن خلف مخيّلة شمّوط وصيّة بأن يصل الفلسطينيّون لمرحلة رؤية أنفسهم، حرفيّاً، من خلال وجهة نظر محدّدة. إذ عليهم التعبير عن مطالبهم للأمم بطريقة معيّنة. باختصار، تجسيد شمّوط عمل متفائل يستند على فكرة إمكانيّة وجود جسم وطنيّ يستحقّ التمثيل من خلال تقليد كونيّ، ويمكنه أن يتشكّل عبر متحدثين رسميين ذوي مهارة عالية، وعلى دراية جيّدة بمخاطبة الجمهورين الأجنبي والمحليّ".

مقتطف من مقال كريستين شيد، بين وعد الحياة وهشاشتها: الجسد العربي في مجموعة خالد شومان الخاصّة، قراءات في الفن العربي، مؤسّسة خالد شومان، 2013

متعلّقات