"بدأت في حزيران رسم لوحة كبيرة (الصديق) أو (السقوط). أردت أن تكون شفافة اللون وأن أؤكد على انفصام اللون بين الرأسين، رغم الوحدة والتقارب واللقاء. وقّعتها ثم انتظرت أياماً. كان الشقّ واسعاً في وسط اللوحة وكان العمل بوحاً سريعاً، كلمة، جملة فيها شفافية الأداء كجملة موسيقية لم تنتهي. ترددت ثم رسمت بعض السطوح في الشقّ. خرجت اللوحة عن قصدها الأول وكان على الجملة أن تنتهي. بدأت أرسم على اللوحة من جديد. بدا لي أنها معقولة وكان ذلك في أواسط تموز. وقّعتها من جديد. لم أرض عن ذلك العمل بعد أيام. عملت على الرأسين مطوّلاً وأردت أن يحتضن فراغُ اللوحة الرأسين. غيّرت سطوح الوجهين من أجل هذا الغرض. ثم جاء آب وبدأت أعّدل ذلك العمل باستمرار وأنا بين شعور الإحباط والأمل ولم يكن هناك أي رابطة بين بدايات العمل والآن. إن ما أردت الحفاظ عليه، ولو بشكل عفوي هو السطوح الكبيرة الواضحة نسبياً والبعد عن التفاصيل الواقعية الفوتوغرافية، وهذا من أصعب الأمور وخاصة إذا كان مصدر البعد عن تلك (الواقعية الطبيعية)، البحث عن واقعيتي بشكل له مصداقيته في المعاناة والتقديم.
جاء أيلول. أنظر إلى ذلك العمل وأرى أنه لا بد من (توليع) بعض الإشارات اللونية والشكلية مع المحافظة على طزاجة العمل. وغداً سأبدأ من جديد.
إن فكرة العُشّ المُحتَضِن، تلازمني وتجلب لي رؤيا جديدة للعمل، وأعتقد أن الأعمال القادمة ستحمل هذا التصور".
من "يوميّات لوحة الصديق.. إلى سهى"، مروان قصّاب باشي. النص كاملاً
من "قراءات في الفن العربي" - مجموعة خالد شومان الخاصّة. الناشر: مؤسسة خالد شومان، 2013.
أدار مروان قصّاب باشي أكاديميّة دارة الفنون الصيفيّة (1999 - 2003)، التي خرّجت أكثر من 60 فنّاناً عربيّاً.