نهى الراضي فنانة تجلت موهبتها في فن الخزف، وكانت خزافة من الطراز الأول بين الخزافين العراقيين والعرب لتكامل صنعتها، وطرافة الأفكار التي كانت تستوحيها من الموروث المحلي وتصوغها صياغة أخاذة في جمالها. في الهند تفتحت نهى على التراث الثقافي والشعبي الهندي الغني، وإعادة إنتاجه في الفن. نشأت في وسط ثقافي، ودأبت منذ صغرها على الاتصال بالآثار العراقية أينما وجدت في متاحف العالم، وتوثقت صلتها فيما بعد بأعمال التنقيب من خلال مرافقتها لشقيقتها عالمة الآثار المعروفة الدكتورة سلمى الراضي. لقد وضعها ذلك الوعي المبكر بالموروث المحلي والشرقي على الطريق الصحيح للتميز في وقت كانت الأنظار فيه لا تتطلع إلا لحضارة الغرب.
وفي دراستها الفنية في لندن تمرست نهى على استخدام التقنيات الحديثة واكتسبت الجرأة في الابتكار وحرية الطرح. وظلت أعمال نهى تفاجئ جمهور الوافدين إلى معرضها بجدة طرحها، وطرافة موضوعاتها وإحساسها العالي بالجمال. غير أن نهى، وفي مطلع عقد الثمانين من القرن الماضي، صحت ذات يوم لتتخذ قرارا خطيرا شكّل منعطفا هائلا في حياتها الفنية، وهو قرار لا أعرف أن فنانا عربيا تجرأ على أتخاذه من قبل أو من بعد. لقد قررت نهى أن تتخلى عن فن الخزف مدركة أنها وصلت إلى نهاية الطريق، قائلة: "لم أعد أملك القدرة على التعبير، وعليّ أن أجد طريقا آخر". وبكل جرأة تنازلت عن موقعها الريادي، لتعود ثانية إلى اول الطريق وتقف مثل تلميذة مبتدئة تتهجى أبجدية اللغة الفنية، تتمرن على الرسم، وتتعرف إلى فنون الخط واستخدام الزيت وتقنيات التصوير .وسرعان ما وجدت نهى شيئا من ضالتها في فن الحفر والطباعة (غرافيك)، وبدأت تمارسه أينما سنحت لها الفرصة، في محترف رافع الناصري في بغداد اولا، ثم في محترف دارة الفنون في عمان، ودائما برفقة الفنانين العراقيين.