فنان
رولا حلواني

القدس، 1964. تقيم وتعمل في القدس.

"بدأتُ عمليةَ توثيق الجدار منذ أن بدأوا ببنائه، وفي كل مرة أظهر فيها الصّور كان كل ما أراه هو بشاعته وغضبي. وعندما وصل الجدار الى نقطة تفتيش قلنديا بدؤوا ببنائه في منتصف الطريق، طريقي الى عملي. لطالما تخيلتُ أنه سيكون بإمكاننا زراعة الأشجار في منتصف تلك الطريق. ففي اللحظة التي وصل فيها الى قلنديا وصل الجدار إليّ وأوجدوا خوفي. وضعوا الأساسات، وتوقفوا لفترة، ثم بنوه حجراً فوق الآخر على طول الطريق.

أردتُ أن أصوّره في الليل. ربما لجعله يعلم أنني لست خائفة. ذهبتُ وكان الجدار بشعاً جداً، والأرض حزينة خائفة. لم يكن هناك سوى الجنود، آلات ثقيلة ونباح كلاب. كنت مرعوبة ومعزولة. قمتُ بالتصوير خلال النهار لكن ذكرى تلك الليلة كانت حاضرة بها.

بعد أن أنهيتُ المشروع، وفي إحدى الليالي شعرت فجأة أني أريد الذهاب لرؤية الجدار. كانت ليلة رأس السنة اليهودية. الوقتُ منتصف الليل، لكني ركبتُ سيارتي وذهبت باتجاهه. تابعتُ القيادةَ على طول طريق الجدار ووصلت الى مكان ليلتي الأولى؛ المكان المليء بالآلات والنباح. كانت جميع الكلاب محبوسة. عدتُ الى المنزل عن طريق جبل الزيتون، المكان الذي رأيتُ فيه النور على هذه الأرض... أرضي. عندها ترجلتُ من السيارة، نظرتُ وقطعت وعداً، وعداً لأرضي."

- رولا حلواني، "الجدار والحواجز"، دارة الفنون - مؤسسة خالد شومان، 2006

"قبل عشر سنوات وعندما بدأت عملية السلام أول مرة، كنت مثل العديد من الفلسطينيين على استعداد لمنح السلام فرصة. ومع تطور العملية، شعرت بالقلق من الأحداث التي تلت ذلك: قلق من فقدان مدينتي والقدس وحق الفلسطينيين المنفيين في العودة إلى وطنهم. مر‎ّت الأيام ولم تزد الأمور في عيني إلا سوءًا: ازداد سلب الأرض وظهرت المزيد من المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وازداد القتل.

كنت في رام الله وقت حدوث التوغل الإسرائيلي الكبير في 28 آذار 2002. صُدمت. كل شيء من حولي بدا مختلفًا تمامًا. مظلمة وفارغة كانت الشوارع والساحات التي زرتها. لم يكن هناك ذلك اليوم أحد في الشوارع سوى الجيش الإسرائيلي ودباباته. شعرت بالاكتئاب والبرد. الفلسطيني الوحيد الذي التقيته على الطريق في ذلك اليوم كان رجلاً عجوزاً. كان مقتولًا بالرصاص. لم أعرف اسمه أبدًا، لكني رأيته قبل في السابق يجول نفس الشوارع. في تلك الليلة لم أستطع محو وجهه من ذاكرتي، واندفعت في رأسي أسئلة كثيرة بلا أجوبة. في تلك الليلة ماتت آمالي في السلام".

- رولا حلواني، "سلسلة الاجتياح السلبي"، 2002

متعلّقات