في فلسطين، يبني الاستعمار الاستيطاني الحياة السياسية والاجتماعية من خلال الاستيلاء والاحتلال المستمرين للأراضي، ويفرض ثقافيًا عبر الممارسات التي تحاول حجب أو محو الشعب الفلسطيني. ما يحصل الآن في حي الشيخ جراح هو أحد الأمثلة الأخيرة، حيث يقطن اللاجئون الفلسطينيون الذين طردوا من مدنهم وقراهم بعد النكبة عام 1948. تواجه حوالي 28 أسرة حاليًا خطر الطرد من منازلها، رغم أن تلك العائلات دفعت ثمن منازلها بالفعل. في الخمسينيات، اتّفقت الحكومة الأردنية مع الأمم المتحدة على توطين تلك العائلات في القدس مقابل وثائق الأونروا الخاصة بهم. وكما أشارت أسيل جندي في مقال حديث، "بموجب القانون الدولي، لا يمكن لدولة محتلة أن تنقل قسراً سكان الأراضي المحتلة لأنها ملزمة بالحفاظ على التركيبة الديمغرافية للسكان". في عصر تغير المناخ والأوبئة والأزمات، أمست مسألة الإسكان مسألة بيئية. الاستعمار الاستيطاني هو بنية اجتماعية بيئية تنتج وتحافظ على اللامساواة الجذرية والدائمة بين المستوطنين والشعب الفلسطيني، فتعطّل العلاقات البيئية والاجتماعية لتنتج ما يسميه ج. إم. بيكون العنف الإيكولوجي الاستعماري، والذي ينتج عنه مخاطر وأضرار خاصة تتعرض لها الشعوب والمجتمعات كانتزاع الملكية وحرق الأراضي على أيدي المستوطنين.

نعتبر نحن الفترة الحالية لحظةً سياسية يمكن استغلالها لمراجعة جذور وتاريخ النظريات والحراكات النسوية البيئية عبر العالم، وكذلك التأمل في واقع منطقتنا وقضاياها لرسم مسار يمكننا الإستفادة منه اليوم. النسوية البيئية مدرسة فكرية واسعة وروحانية الجذور؛ فكيف بإمكاننا تحليل وفهم السياق الفلسطيني من منظور نسوي إيكولوجي مناهض للاستعمار؟ وكيف يمكننا الاستفادة من الأدوات النسوية البيئية؟  

إسلام الخطيب فلسطينية مقيمة في بيروت تكتب عن الرثاء والبيئة والعوالم المتخيلة. عملت مؤخرًا على كتيب عن عصر الإنسان وتمظهراته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.