تنطلق أعمال رائدة سعادة بعد وقوع الإنهيار واستمرار الحياة بطريقة ما. حيث لا تسعى الفنانة في ممارستها إلى تقديم إجابات واضحة، بل تُصرّ على المكوث في تلك المساحة الكامنة بين اضطراب كان قد وقع بالفعل، وتعايش روتيني نتج عنه، ليصبح الاستمرار سؤالًا في حد ذاته.
تتبدل السياقات والرموز والدلالات ضمن هذا العالم بشكل متواصل، وتتبعثر معها المعاني والافتراضات، فيبدو الاستمرار قرارًا متناقضًا مع هذه الوقائع ومعطياتها. تستشعر أعمال رائدة هذا الخلل بينما تتكشف تفاصيلها كأفعال ترفض الاستسلام او التفاوض أو القبول بأمر واقع.
أمام كل ذلك، يصبح المتعارف عليه غريبًا، وأحيانًا، مستغربًا، بينما تمرّ الأحداث السيريالية كلحظات شبه عادية: كل شيء يبدو وكأنه جزء من عمل مسرحي. لا تلعب الإيماءات الأدائية في الأعمال دورًا في تعزيز ذلك، بل تهدف لكشفه وإعادة رسم ملامح الواقع المنهك. تعجز اللغة عن التعبير هنا، فتصل متأخرة أو مشتتة. ولا ينبثق المعنى من تفسير متوقع، بل من خلال الأفعال وفي لحظات الصمت المتفرقة. إذا تحدثت الأعمال، فهي تتحدث فقط من محيطها في العمل، في تلك النقطة بين انهيار وشيك ونجاة مؤقتة.
يظلّ فعل المشاهدة حاضرًا عبر كل ما سبق: هناك من يشاهد غيره منشغلًا، وهناك من يصرف نظره بعيدًا، وهناك من يشاهد دون اكتراث. فالمشاهدة تستوقف، وتستهلك، وتُباعد، وتورّط، وتُزعزع.
أعزاءنا المشاهدين، لا تسعى الأعمال المعروضة لتقديم استنتاجات ولا تبحث عنها. فهي انعكاسات لحالة من الاستمرارية، وتتبع للتناقضات الناتجة عن انقطاعها، بحيث تبقى القضايا معلقة، لا وجود للنهايات فيها أو التوضيحات، بل هي أقرب لأن تكون تساؤلات مفتوحة، تطرح نفسها على المشاهدين.
رائدة سعادة وُلدت الفنانة رائدة سعادة في أم الفحم عام ١٩٧٧، وتقيم في القدس. في عام ٢٠٠٠، حصلت على جائزة الفنان الشاب الأولى من مؤسسة عبد المحسن القطان. تعمل في مجالات التصوير الفوتوغرافي والفيديو والأعمال التركيبية، مرتكزةً في ممارستها الفنية على الأداء حيث يكون جسدها موضوعها الأساسي. عُرضت أعمالها على نطاق واسع في مؤسسات وبيناليات حول العالم، وتتواجد أعمالها في العديد من المجموعات الفنية البارزة، بما في ذلك متحف فيكتوريا وألبرت.د اعتبرها موقع الأخبار "المونيتور" من أهم 50 شخصية ساهمت في تشكيل الثقافة في الشرق الأوسط.