يُنظر إلى الفيديوهات والصور المتحركة اليوم ضمن مزيج بالغ التعقيد والتداخل؛ فهي لم تعد خاضعة لآليات الإنتاج والنشر المؤسساتية وقنوات العرض التقليدية، بل باتت تصدر من الهواتف المحمولة والطائرات المُسيّرة وأنظمة المراقبة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما أصبح الناس شهودًا فاعلين يوثقون، بدرجة غير مسبوقة من الصدق والمكاشفة، أحداث ما يتعرضون له، والعنف الممارس ضدهم، وينتجون بصريًا ما يُمكن اعتباره سرديات مُضادة للحملات الدعائية الضخمة، ومن يتحكم بها من شبكات المصالح والقوى المُسيطرة، التي لا تزال تضخ الأموال وتوفر الإمكانات الهائلة سعيًا وراء طمس الحقائق وتشويهها.
لم تنحصر أبعاد حرب الإبادة الجماعية في غزة على أرض الواقع فحسب، وإنما امتدت لتشمل الشاشات والفضاءات الرقمية، حيث شهدنا أكثر حدث وحشي يوثّق بشكل حيّ ومباشر أمام أعين العالم أجمع، لكن هذه الصور لا تنتقل بحرية، بل تمرّ عبر سلسلة من المنظومات العدائية التي تتحكم في ما يُعرض، وما يُحجب، وما قد يصبح مادة للتشكيك.
يُصبح الفيديو والصورة المتحركة هنا أداة تضليل وتشكيك وانقلاب على الحقيقة، ويصبح من الصعب التمييز بين الدليل والتزييف. كما ازداد التضليل حدةً بعد عمليات تتبع واستهداف الصحافيين والنشطاء والفنانين، وكل من يستخدم صوته وهاتفه في نقل الحقيقة وتوثيقها، ضمن عمليات تدمير ممنهجة طالت أيضًا البُنى التحتية، التي تُتيح إنتاج ونشر وتداول هذه الصور والتوثيقات.
بالأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات والتطورات، تبرز اليوم مجموعة من التساؤلات والنقاط التي يجدر التمعّن والتفكير بها: ما معنى أن نُنتج — أو أن نشاهد، أو حتى نشارك — صورًا متحركة أو موادًا بصرية في هذه اللحظة؟ ما هي الجوانب الأخلاقية والسياسية والاجتماعية المرتبطة بفعل التصوير، أو عند مشاهدة أو مشاركة مواد مصورة؟ كيف يُمكننا أن نتعامل مع حيّز بصري تتداخل فيه الوقائع والتوثيقات مع المحاكاة والدعاية؟ (لنشر سرديات بصرية قد تبدو متشابهة لكنها تهدف إلى تشويه الحقيقة). ما هي المسؤوليات التي تقع على عاتق الفنانين والمخرجين والباحثين في ظلِّ واقع أصبحت الصورة فيه تُسهم في إنقاذ حياة شخص ما أو التسبب في وفاته؟ كيف نُعيد التفكير في مسارات تداول الصورة المتحركة؟ وما هي الفضاءات والاحتمالات والبدائل الجديدة التي ينبغي ابتكارها لكي تؤدي الصورة دورها بوصفها شهادة حيّة وفاعلة؟
-
يستقبل برنامج "مشاريع في المختبر" مقترحات بحثية وفنية ونقدية تستكشف في هذه التساؤلات، وتُعيد البناء عليها من خلال مقاربات حول دور وواقع الصور المتحركة اليوم. ندعو الفنانين، وصناع الأفلام، والباحثين، والقيّمين الفنيين، ومبرمجي عروض الأفلام، والمؤرشفين، لتقديم مقترحاتهم لإقامة فنية في دارة الفنون تتراوح مدتها بين 4 إلى 6 أسابيع لكل مشروع. يُمكن أن تتخذ المقترحات أشكالاً متعددة، منها (على سبيل المثال لا الحصر) المشاريع البحثية، وبرامج العروض السينمائية، وورش العمل، والتجريب في أشكال إنتاج ونشر المواد البصرية، أو اللقاءات النقاشية المخصصة للدراسة والتحليل. سيعمل المشاركون على تفعيل مساحة "السينماتيك" بوصفها فضاءً للبحث والتأمل، وبوصفها كذلك شكلاً فنياً قابلاً للتكيّف والتغيير. كما ستتاح للمشاريع المختارة إمكانية البحث في أرشيف الفيلم العربي، ومكتبة أفلام دارة الفنون الرقمية، ومجموعة خالد شومان، إلى جانب موارد مؤسسية أخرى لدعم أعمالهم.
سنقوم بتوثيق كل مشروع، وما ينتج عنه من نقاشات وتجارب ولقاءات وحوارات وممارسات، كخطوة لإنشاء أرشيف خاص بمساحة "السينماتيك" يوثق اللحظة الراهنة، ويستمر في النمو والتفاعل المعرفي والفني مع ما يتولد عنها من مشاريع وبرامج قادمة.
إرشادات التقديم
تُقبل الطلبات من الأفراد والمجموعات. يُمكن التقديم من خارج الأردن، كما يُمكن التقديم لتنفيذ مشاريع أونلاين.
للتقديم، يُرجى إرسال المواد التالية إلى: opencall@daratalfunun.org
1. مقترح المشروع (500 كلمة كحد أقصى)
2. رسالة توضح فيها أسباب الاهتمام بالمشاركة في البرنامج (500 كلمة كحد أقصى)
3. جدول للإطار الزمني لتنفيذ المشروع (على أن لا تتجاوز مدة تنفيذ وعرض المشروع 6 أسابيع كحد أقصى)
4. الميزانية المقترحة لتنفيذ المشروع
5. سيرة ذاتية قصيرة (250 كلمة كحد أقصى)
6. نماذج أعمال سابقة (إن وجدت)
الموعد النهائي لاستقبال الطلبات: الأحد 30 تشرين الثاني 2025 (الساعة 11:59 مساءً بتوقيت عمّان)
لمزيد من المعلومات، يُرجى التواصل على opencall@daratalfunun.org