لعامنا الـ30، دعونا الفنّانين من كافة التخصّصات للتوقّف لبرهة والتأمّل، لإعادة اختراع عالمنا وسرد قصصهم، انطلاقاً من قصيدة محمود درويش: "إلى شاعر شاب":
الحقيقة سوداء، فاكتب عليها
بضوء السّراب.
وعلى مدار العام، تقام ثلاثة معارض تعرض كلٌّ منها لقاءات مختلفة ما بين فنّاني عصرنا وبين موقعهم في عالمنا اليوم، ليطرحوا معاً سردهم الجديد، ويسائلون ماضينا وواقعنا.
في هذا المعرض الثاني، يواجه عمل الفيديو الإنشائي "ولكن، قناعي منيع" للفنّانيْن باسل عبّاس وروان أبو رحمة بصريّات مشهد نهاية العالم والعنف الذي يسيطر على لحظتنا المعاصرة، والتّساؤل عمّا يحلّ بالأشخاص الأماكن/ الأشياء/ المواد عندما يتدمّر نسيجٌ قائم. يوثّق العمل رحلات قام بها شباب فلسطينيين إلى مواقع قراهم المدمّرة داخل "إسرائيل"، كتجسيد لإعادة التفكير في موقع الحطام التي لا تظهر كأطلال، بل مليئة بالحيويّة التي تقاوم المحو الاستعماري.
وفي عمله الجديد، يسلّط ريّان تابت الضوء على تاريخ إنتاج الملح والسكّر في مناطق ما حول البحر الميّت عبر اقتصاديّات هاتان المادتان اليوم. وتأخذنا جنان العاني في رحلة جويّة فوق الأردن لنرى المشاهد التي تحمل آثاراً طبيعيّة وأخرى من صنيع انسان، وبنىً قديمة ومعاصرة، لتكشف عن ذاكرة ماضي المكان. بينما ينطلق عمّار خمّاش من واجهات دارة الفنون لمعاينة هذا الماضي ومرور الزمن على قطع عظام حيوانات عاشت هنا قبل 85 مليون عاماً.
ينظر يزن خليلي إلى الزّمن من زاوية مختلفة، فعبر تصوير شقوق عشوائيّة تشبه خارطة فلسطين المثلّثة، ووضعها مقابل تفاصيل لقصص قصيرة، تبدو هذه الشقوق وكأنّها كسرٌ في تدفّق الزّمن، كما يكسر تفصيل تاريخي ثانوي السرديات المهيمنة. ويبرز في عمله الثاني "أنا، العمل الفنّي" مسألة حق العمل الفنّي ذاته بالمقاطعة. أمّا عمل وليد رعد/ مجموعة أطلس "أتمنّى لو أستطيع البكاء" فيفكّك تاريخ لبنان عبر تصوير ضابط مخابرات لبناني متخيّل، عيّن لمراقبة المارّين بكورنيش في بيروت، لغروب الشمس بدلاً من تتبّع أهدافه. ويتساءل رائد ابراهيم في عمله الإنشائيّ عمّا إذا كانت لحظتنا المعاصرة تُبقي مجالاً للحياد السياسي.
وفي ثلاثيّة أفلام، يربط الثنائي جلال توفيق وغرازييلا رزق الله توفيق ثلاث مدن بمجالاتها الأكثر ألفةً، لكن التي لا يمكن الوصول إليها عبر المواصلات التي تشتهر بها هذه المدن. ويعود هاني علقم إلى موضوعه الأثير، عمّان، ليتحقّق من هويّتها ومجالها المديني عبر مجموعة من المواد اليوميّة، داعياً الجمهور للقيام بنفس التحقّق. وتتجوّل آن ماري فان سبلنتر في مناطق عمّان المختلفة لتصوّر فيلماً يعرض أطفالاً يفتحون ستائر غرفهم ليوفّر رؤى مختلفة للمدينة وسكّانها. بينما تلتقط صور فؤاد الخوري المدينة كما كانت قبل 30 عاماً.
وبينما يستعمل صلاح صولي صمت امرأة احتجاجاً على فردوسها المفقود لتقصّي أثر النّزوح على التجربة البشريّة، تتأمّل منى علي الزغول الحنين والانتماء في مساحة ثالثة افتراضيّة عبر إنشائها الفنّي المبنيّ على صور منتجة كمبيوتريّاً. ويقبض ابراهيم جوابرة على مأساة الأسرى الفلسطينيين من خلال رسم صورهم الشخصيّة.
وكما يحتفي خالد الحوراني بجداريّة محمود درويش، تحتفي سامية زرو، أوّل فنّانة أردنيّة تنجز إنشاءات فنيّة في المساحات العامة أواخر الثمانينيّات،بالثقافة الشعبيّة والهوية عبر استجواب المواد اليوميّة، مثل الحبال والقشّ في أعمالها الفنيّة الخشبيّة والمنسوجة. وفي بحثها المستمر عن تأثير التعبير الفنّي على واقعها في التاريخ، تضع آلاء يونس صوراً وأعمالاً فنيّة ووثائق مقابل بعضها البعض، مركّزة على دور دارة الفنون في الفن وصناعة التاريخ في المنطقة.
يخصّص جزء من "المختبر" للإنتاج المعرفي الفني العربي، والذي يتضمّن زاوية للقراءة مع عدد من المطبوعات. كما قام زميل دارة الفنون أمين السّادن بإنجاز مخطّط يستكشف معاني "العربي" المختلفة في العالم العربي اليوم، واضعاً دارة الفنون ضمن سياق أوسع عبر تخطيط التضاريس المعرفيّة التي تأسست عبر عرض ودعم ودراسة وتبادل الفن العربي الحديث والمعاصر على مدار الثلاثين عاماً الأخيرة.
الفنانون المشاركون في معرض تمّوز/ يوليو – تشرين أوّل/ أكتوبر:
ابراهيم جوابرة (فلسطين)، آلاء يونس (الأردن)، آن ماري فان سبلنتر (هولندا)، باسل عبّاس وروان أبو رحمة (فلسطين)، جلال توفيق (العراق) وغرازييلا رزق الله توفيق (لبنان)، جنان العاني (العراق/ بريطانيا)، رائد ابراهيم (الأردن)، ريّان تابت (لبنان)، سامية زرو (الأردن)، صلاح صولي (لبنان)، عمّار خمّاش (الأردن)، منى علي الزغول (الأردن/ كندا)، هاني علقم (الأردن)، يزن خليلي (فلسطين). إضافة إلى أعمال من مجموعة خالد شومان الخاصة لكل من: خالد الحوراني (فلسطين)، فؤاد الخوري (لبنان)، وليد رعد (لبنان).
وفي الجزء الثاني من احتفالاتنا بعامنا الثلاثين، نكرّس بيت البيروتي لعرض ملصقات تستعرض تاريخ دارة الفنون من معارض ونشاطات على مدار 30 عاماً، كما نتذكّر 25 فنّاناً راحلاً منذ العام 1988 من مجموعة خالد شومان الخاصّة عبر عرض أعمالهم الفنيّة، وهم:
أحمد نعواش، اسماعيل شمّوط، اسماعيل فتّاح، آمال قنّاوي، بول غيراغوسيان، جمانة الحسيني، حسن حوراني، رافع النّاصري، شاكر حسن آل سعيد، عبد الرّازق الساحلي، عدنان الشريف، عزيز عمّورة، عصام السّعيد، علي الجابري، علي ماهر، علياء عمّورة، فاتح المدرّس، فخر النساء زيد، فريد بلكاهية، فلاديمير تماري، محمد القاسمي، محمود طه، مروان، نبيلة حلمي، نهى الرّاضي. وتابيسو سيكغالا الذي كان جزءاً من "حوار في عمّان" في عامنا الخامس والعشرين. كما نتذكّر زها حديد.
يأتي المعرض بالتزامن مع برنامج يغتني باللقاءات الفنيّة والعروض الأدائيّة، ومن أرشيفنا عروض أفلام نسّقها فنانون، ونقاشات مع الفنّانين والمنسقين الفنيين، وورشات عمل، وعروض موسيقيّة وغيرها. وبمناسبة احتفالاتنا بعامنا الثلاثين، تنظّم دارة الفنون ندوة عامة بعنوان "الإنتاج المعرفي: البحث في الفن العربي اليوم" تجمع زملاء دارة الفنون معاً في عمّان لأول مرة لمعاينة الطرق التي يتم بها إنتاج ونشر الفن العربي الحديث والمعاصر. تمثّل مجموعة الزملاء جيلاً جديداً من الأكاديميين الذي يبحثون في الفن العربي بتحدّي المسلّمات والدعوة إلى إعادة النّظر في السرديّات التقليديّة حول المنطقة وثقافاتها المتنوّعة.
الزملاء المشاركون: أمين السّادن، إدوارد ماكدونالد- تون، إليزابيث راوه، فارس شلبي، هوليداي باورز، نيسا آري وريما صالحة فضّة. تدير الندوة كل من: د. سيلفيا نايف ود. عادلة العايدي – هنيّة، وينسّقها أمين السّادن.
شاركونا احتفالاتنا
المعرض الافتتاحي: الثلاثاء 13 شباط/ فبراير – 17 أيّار/ مايو 2018
المعرض الثالث: الثلاثاء 23 تشرين أوّل/ أكتوبر 2018 – 24 كانون ثاني/ يناير 2019