بتسارع الاحتباس الحراري، تلوح في الأفق ظاهرة انقراض جماعي سادسة. تنتشر المشاهد الكارثية عبر شاشاتنا وتكاد تحجب لمحات منفلتة من عوالم أخرى محتمَلة. ولكن لأولئك الأكثر عُرضة للعنف البطيء للرأسمالية الاستخراجية والاستعمار الاستيطاني، فإن نهاية العالم ليست بجديد. على حد تعبير الباحث الراحل باتريك وولف، ليست نهاية العالم حدثًا بل بُنية؛ الكارثة مستمرة، أو كما تغنّي جون تيسون في أغنية "الفضاء هو المكان" لصَن را، "إنها بعد نهاية العالم – ألا تعرف ذلك بعد؟" تعمل الذكريات الجمعية للعديد من العوالم التي لم تنجو من عالم الحداثة الاستعمارية "الجديد" على تحريك فكرة بناء العوالم في الحركات الأفرو-مُستقبلية والمُستقبلية-العربية ومُستقبلية الشعوب الأصلية وكذلك مُستقبليات ما بعد الاستعمار الأخرى. وبصفتها تصورات مُستقبلية مُجرّدة من مُستقبلية الرأسمالية، تعيد هذه الأنشطة التأمليّة توجيه المُخيلة نحو شِعريّة وسياسة بناء العالم عقب الكارثة، بحيث تعود دائمًا رؤى ما لم يأتِ بعد إلى ممارسات ونظريات معرفية وأحلام أولئك الذين صودرت أو دمرت عوالمهم، وتقترح وَعيًا إيكولوجيًا يفهم الإبادة الحالية للنظم الإيكولوجية المُتنوعة بيولوجيًا على أنها مُستمرة مع تواريخ الاستعمار والاستعباد والإبادة الجماعية. بموضَعة الممارسة التأملية لبناء العالم كفِعل شاعري لإصلاح الإيكولوجيات الحالية والمستقبلية في أعقاب العنف الإمبريالي، ستضم هذه السلسلة فنانين وكتّاب وباحثين يتجاوزون التفكير بما وراء "المستقبليات الخضراء" وصولًا إلى تخيّل عالمٍ تَحوّل نتيجة محو الاستعمار وتراجع النمو، عالمٌ يزرع بُنى رعاية وقرابة تتجاوز الإنسان.
كريم اسطفان كاتب ومحرر وناقد فني ومُدرّس وحاصل على زمالة دارة الفنون وطالب دكتوراه في الثقافة الحديثة والإعلام في جامعة براون. يبحث اسطفان في شعرية الشِهادة وبناء العوالم في الثقافة البصرية الفلسطينية. نُشرت مقالات ومراجعاته في عدد من المجلات الفنية والمنشورات الثقافية، وهو محرّر مشارك مع كل من كارين كوني ولورا رايكوفيتش لكتاب افتراض/استئناف المقاطعة: المقاومة والوكالة والإنتاج الثقافي (منشورات OR، ٢٠١٧).
اللقاءات
الخيال العلمي العربي وبناء العالم من المركز - نادية سبيتي
ما بعد نهاية العالم - تي جاي ديموس
القصص والبذور كأوعية للتحوّل - فيفيان صنصور
استرداد هذا العالم لبناء آخر جديد - هيثم النصر
العراق ونشأة "فن معاصر من الشرق الأوسط" - ريجين ساهاكيان