فنان
فريد بلكاهية

المغرب 1934 - 2014.

"يتعمّد فريد بكاهية، وبشكل مستمر، العمل بالمواد الخام التي تحيل بشكل مباشر إلى الحياة القبليّة في المناطق المغربيّة النائية. على الرغم من ذلك، لا يستخدم هذا التوجّه، في حالة الفنّان، لاستحضار تراث أو صورة لأصالة ريفيّة. ليستطيع، بأناقته الرسميّة وحس الانضباط المتفاني، تجاهل تصنيم "الأصالة". ربما يعود ذلك إلى تفهّمه للمواد بصورتها التي أخذت من اقتصاديّات استعمالها، أو كمستودع للقيم الثقافيّة والماديّة المنوطة بالظروف المتغيّرة- لا بالهويّات الفاقدة لتاريخها أو الرومانسيّة الثابتة. تفيد قدرة بلكاهية على العمل في مجالين، الأول: تجريدي غير مصقول، والثاني أكثر مرجعيّة، بتكرار المواد كنوع من نقطة صفر حيث يمكن استعمال المرونة. ذلك يعني أن بلكاهية غيّر محاصر في اهتماماته بما يستعمله، بل قادر على المضي قدماً من هناك وإنتاج واكتشاف أشكال واحتمالات جديدة. تضمن هذه القدرة بمعالجة المواد عبر وضعين متناقضين ألا ينزلق العمل إلى سلسلة من الماهويّات الإشكاليّة. فمن جهة، يتناول بلكاهية مواده بتفهّم يكاد أن يكون خيميائيّاً. فتدعو جلود الحيوان، التي يمدّها باتّساع، والأصباغ التي يستعملها لإنتاج أشكال سوائل مشوهّة، المشاهدَ لملاحظة شكل عام، إضافة إلى دعوة لقاء المادة ذاتها. تؤدّي القدرة على تجاوز الإيماءات الميلودراميّة الرمزيّة بدقّتها وتركيزها الحرفي على التعبير، بالعمل إلى أمر أكثر من مجرّد انتداب لآيدولوجيا. هذا حضور يخلو من التصنيم. التراوح في أعمال بلكاهية بين الأيقونات الحداثيّة "غير السهلة" كالأسهم أو الخطوط المستقيمة إلى التوثيق التاريخي، يعني أننا قادرون على الوصول إلى محتوى من دون أن يكون هذا المحتوى تعليقاً على الحالة التي نبع منها".

مقتطف من مقال "مرافعة ضد الاستمراريّة، أو هل من الممكن أن تكون ساحرة؟" لحسن خان

"قراءات في الفن العربي – مجموعة خالد شومان"، مؤسسة خالد شومان، 2013

متعلّقات