يتناول لقاء زميلة دارة الفنون أليساندرا أمين رسمتين من السبعينيات، إحداهما لمصطفى الحلاّج والأخرى لسميرة بدران، وهما تشكلان انحرافاً عن معايير المشاهد الطبيعية كأسلوب احتفالي أو تذكاري ضمن الإنتاج الفني الفلسطيني.
تحتل المشاهد الطبيعية كأسلوب فني مركز الصدارة في الإنتاج الفني الفلسطيني منذ النصف الأول من القرن العشرين، إذ إن فنانين من مثل: صوفي حلبي، إسماعيل شموط، تمام الأكحل، ونبيل عناني.. كرسوا ويواصلون تكريس الكثير من الوقت والجهد لتصوير الريف الفلسطيني، وتمجيد المصاطب الجبلية وبساتين الزيتون الرائعة. ومع ذلك، فليست كل المشاهد الطبيعية الفلسطينية تصور الوطن في قالب ريفي.
تناقش هذه الندوة لوحتين من السبعينيات تشكلان انحرافاً عن المعايير الثابتة للمناظر الطبيعية كأسلوب احتفالي أو تذكاري، حيث يستبدل الفنانان الأحلام التي أفرزها الحنين بالشعور بالعبثية والفوضوية. ففي لوحة مطبوعة بلا عنوان أنتجت عام 1970 يدمج مصطفى الحلاج الأشكال البشرية والحيوانية والنباتية مع بعضها بعضاً، مما يخلق مشهداً طبيعيًا، من خلال الانخراط المتزامن مع الولادة والموت، وهذا أدى إلى انهيار الماضي والحاضر والمستقبل إلى بعدين. وفي لوحة سميرة بدران (1977)، تستحضر عبر 21 أسطوانة فن رسم الخرائط بهدف نحت منظر طبيعي من نسيج كثيف من الأشكال الهجينة، إذ تتجاوز الحدود بين الميكانيكية والعضوية لخلق عالم يبدو فيه أن الآلات والمواد اليومية تتحول إلى كائنات حية. إن هذه الأعمال معًا، تدفع إلى تأمل مكانة المشهد الطبيعي في الخيال الفلسطيني بعد عام 1967، مما يوحي بأن الخيال قدم مفردات فريدة لإعادة التفاوض بشأن العلاقات بين الفلسطينيين وواقعهم الذي يتغير بشكل سريع.