تفتتح دارة الفنون ضمن برنامجها "فلسطين الحضارة عبر التاريخ" عدداً من المعارض الفنيّة التي ترصد وتقدّم بدايات وتطوّر الفنون في فلسطين.
تقدم دارة الفنون معرض للمعماري والفنان عمّار خمّاش يستكشف فيه أراضي الأردن وفلسطين لكشف خفاياها، والسجل الخفي من الألحان الموسيقّية في الملايين من حجارة صوّان الصحراء.
كان موضوع البحث عن نظام في الطبيعة، ولا يزال، في صلب اهتمامات عمّار خمّاش. كمعماري وفنّان، صقل خمّاش عينه لرؤية وفهم الكيفيّة التي تصنع بها الطبيعة شكلاً ما: من طريقتها في صناعة تكوين سواءً بالمواد أو الفراغ أو الضوء والصّوت، حتّى كيفيّة توليدها لأنظمة.
يتقصّى المعماري والفنّان عمّار خمّاش في هذا المعرض تداخل اثنين من اهتماماته المحدّدة: علم الأرض والموسيقى، وهما مجالان يبدو أنّهما لا يمتلكان أيّة صلة ببعضهما طبقاً للمعرفة بحسب ما درسناها. لكن خمّاش يراهما على أنّهما معاً يخلقان حقلاً من الأبحاث ما يمكن أن يطلق عليه اسم "صوتيّات الجغرافيا"، أو "صوتيّات الأحجار" كحقل جديد يمكنه أن يفتح مجالاً جديداً للمغامرة في مناطق جديدة لم تختبر من قبل في الموسيقى والصوت والمؤلّفات.
بعد سنوات من الأبحاث الميدانيّة المباشرة مع طبقات الأردن الأرضيّة، اكتشف الفنّان طبقة صخريّة محدّدة تآكلت وأنتجت الملايين من صخور الصوّان السطحيّة التي يمتلك كل منها رنيناً خاص. وعند الفحص الأولي للمئات من حجارة الصوّان التي "دوزنتها" الطبيعة، وجد أنها تناسب المقام الموسيقي الغربي لحوالي ثلثي مفاتيح البيانو بسهولة، والأربعة أوكتافات العليا من أوكتافات البيانو السبع.
لكن حجارة الصوّان قدّمت التحدّي المتمثّل بتوفير أكثر بكثير من مجرّد السلم الموسيقي النمطي ذو 12 نغمة السّائد في الغرب، إذ وجد خمّاش أن أصوات الحجارة أكثر اتّساعاً بكثير من "لوحة ألوان"، وهو نطاق ينعكس بشكل أكثر في مقام نغمي متناهي الصغر يتّسم بالغنى عبر خاصيّة مزيج أمواج الصوت "متعدّدة الأصوات" الفريدة، لكل منها نغم أو نغمتين رئيسيتين يصلان إلى سبع نغمات إضافيّة.
تحتوي الصحراء الأردنيّة على الملايين من حجارة الصوّان التي "دوزنتها" الطبيعة حتّى أصبح كل حجر منها آلة موسيقيّة تنتج مزيجاً من الأمواج الصوتيّة أو النغميّة، والتي تعمل معاً كأوتار معقّدة. هنا يكمن السؤال: هل ثمّة نظام مكرّر؟ هل ثمّة تكرار رياضي يشير إلى "نغمة أو مقام الطبيعة؟" هل ربّما توجد مؤلّفات موسيقيّة تستند إلى نغمات مفضّلة ومكرّرة بشكل طبيعي في الموقع؟ للإجابة على هذه الأسئلة، يعيد خمّاش التفكير في المقامات الموسيقيّة المعروفة والسّائدة بحلّ نظامها الثّابت للسماح بأصوات حجارة الصوّان المخفيّة المعقدّة لتناسب مقامات موسيقيّة جديدة لم تحدّد من قبل، وإيجاد حسابات رياضيّة جديدة للمؤلّفات الصوتيّة الجديدة.
سيحتاج تقصّي احتمال قدرة حجارة صوّان الصحراء الأردنيّة على دفع حدود النظريّة الموسيقيّة المعروفة إلى أعوام من العمل للوصول إلى نتيجة ما، أو ملاحظة ثاقبة ومجدّة للتأكّد من أنّنا لم نضيّع فرصة العثور على نظام خفي لمؤّلف صوتي، أو نظام رياضي طبيعي في طور السّبات في ملايين حجارة الصوّان المنتشرة على مساحات شاسعة من الصحراء.
مع شكر خاص:
أمير شناوي (المساهمة في تجميع العمل الإنشائي)
أنس الميخي (تصميم وإعداد النظم الروبوتويّة، وقواعد القطع والمعروضات)
هاشم جقة (البحث في خصائص الصوت وعلاقاته مع الشكل والمادة والقيام بنسخ قطع من حجارة الصوان بشكل متطابق مع بمواد أخرى)
يوسف قعوار (تجارب في إعطاء حجارة الصوان أصوات إلكترونية)
باسل ناعوري (بناء مجموعة من الآلات الموسيقية التجريبية والتي تكتشف عن احتمالات مقامات موسيقية جديدة)
رندة مجاهد (تصميم المرئيات وكتابة النصوص)
مهند الرواشدة (تصميم وتركيب الروبوتات وأعمال البرمجة والتحكم)
أمجد شحرور (تأليف قطع موسيقيّة مبنيّة على أصوات حجارة الصوان والمساعدة في ترتيب قطع الحجارة الصوانيّة في المعرض)