يلقي مدير مركز المعمار الشعبي "رواق" في رام الله د. خلدون بشارة محاضرة يسلّط الضوء فيها على تاريخ العمارة في فلسطين منذ بداية الاستقرار فيها تحت عنوان "أعاجيب للحسرة: التراث المعماري في فلسطين ما بين "الفَلافِلِيَة" والعولمة".
بسبب العلاقة الجدلية للتراث في فلسطين بالهوية، يعانى التراث مما أطلِق عليه على سبيل التشبيه "الفَلافِلِيَة"، وأقصد به التغريب المضاعف للتراث عن أهله وأصحابه من خلال عمليات التدمير، والمصادرة ،الاستيلاء، والاستحواذ التي قام بها الاستعمار وبخاصة منذ النكبة (1948). يعاني التراث أيضاً من هاجس يسكن الفلسطينيين، هيئات رسمية وغيررسمية، بجَعْل التراث الفلسطيني عالمياً. العولمة أيضاً تنطوي على تغريب عبر عمليات التسليع أو من خلال إضفاء الطابع العالمي على التراث المحلي. بينما خَطَت العمليات الاستعمارية المذكورة خُطىً كبيرة، إعاق مشروع العولمة "الوطني" (الذي يضم "وضع مواقع فلسطينية على لائحة التراث العالمي" وصياغة مواثيق وتبني خطاب ذو مصطلحات أوروبية للتحدث عن التراث الوطني) العديد من التدابير الاستعمارية وغير الاستعمارية. تقسيم الأراضي الفلسطينية في حقبة ما بعد أوسلو، وغياب الإطار القانوني الوطني لحماية التراث، والافتقار إلى الوعي العام بالتراث، كلُها أدت إلى ضياع كم كبير من التراث في فلسطين. هذه المداخلة تدعي بأنه ما لم يعتبر الفلسطينيون التراث بأشكاله المختلفة طرائق حياة وطرائق إنتاج للمعرفة على الصعيد المحلي، سيشهد تراث فلسطين المزيد من "الفَلافِلِيَة" وأيضاً خطر فقدان أحلام العالمية العابرة للحدود الوطنية.
د. خلدون بشارة معماري، مرمم وأنثربولوجي. يشغل حالياً كمدير لمركز رواق الذي يعمل فيه منذ 1994. حاز على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة بيرزيت، فلسطين (1996)، وعلى درجة الماجستير في الحفاظ على المباني والمراكز التاريخية من جامعة لوڤن، بلجيكا (2000). في سنة 2007، وعلى منحة من فلبرايت، انضم إلى برنامج الدراسات العليا لعلم الإنسان في جامعة كاليفورنيا، إرڤاين، حيث حصل على درجة الماجستير في 2009، وعلى درجة الدكتوراة في 2012. قام بشارة بتصميم الكثير من المشاريع المعمارية والترميم في فلسطين، كما يحرر منذ سنة 2010 سلسلة رواق حول تاريخ العمارة في فلسطين، وكتب العديد من المقالات والكتب. صدر له مؤخراً "السرايا العثمانية: كل ما لم يتبقى" (2017)؛ "البيناليات في فلسطين: الفن بين القوة والفعل" (2017)؛ "حماية التراث في فلسطين: المنظومات والتصدعات" (2016).