توفر الأكاديمية للمشاركين مساحة لتطوير ممارساتهم الفنية في بيئة نقدية تشجّع التجريب ومشاركة المعارف والتعلم الجماعي. يُعقد برنامج هذا العام كجزء من مشروع "إيكولوجيات ما بعد الاستعمار"، وستُنسَّق الجلسات حول مجموعة من الأسئلة المهمة المتعلقة بالأزمة الإيكولوجية وأنظمة القيمة ومستقبل الحياة، والتي في ضوءها سيستكشف المشاركون استراتيجيات مفاهيمية وجمالية جديدة تشتبك مع الممارسات الفنية والإيكولوجية.
ما أوجه قصور الخطابات السائدة حول الأزمة البيئية؟ هل الإنسانية ككل مسؤولة؟ من هم الأشخاص الأكثر تضررًا؟ كيف نقرأ التدهور البيئي من منظور يشتبك مع ديناميكيات الطبقة والعرق والجنس؟
كيف أثرت مخلفات الاستعمار على علاقتنا بمساحاتنا الطبيعية وأنظمتنا البيئية؟ كيف يمكننا توسيع فهمنا للعنف الاستعماري ليضمن الاعتداءات التي تُشن على أراضي وبيئات السكان الأصليين؟ ما نوع الصورة أو الدلالات التي تُظهر الأنماط المعاصرة للاستعمار مثل الممارسات التنموية والاستيلاء النيوليبرالي على أراضي المشاع وتلويثها؟ كيف باستطاعتنا مقاومة تسليع الأرض والطبيعة لنصل إلى منظور يعترف بالأرض كمصدر للحياة والمعيشة؟
هل تستطيع الحلول التكنولوجية المساعدة، أم أن الإجابة تكمن في العودة إلى طرق أكثر "بدائية" للعيش؟ والأهم من ذلك، من سيتحمل كلفة أي حلول مقترحة؟
هل يمكننا تخيل عوالم أخرى محتملة تستحضر أشكالًا جديدة من التنظيم الاجتماعي؟ ما الشكل الذي ستتخذه ممارسة محو استعمار تعترف بفاعلية وتواطؤ البنى المحلية وفي الوقت نفسه تفهم 'أزمة الدولة'؟ كيف نساهم في بناء تصورات تتجاوز هياكل العرق والإثنيّة والدولة القومية؟ وهل يمكننا أن نتخيل سياسة تتجاوز الإنسان لتشمل كائنات غير بشرية (أو أكثر من بشرية) كشهود وعملاء تغيير؟
سيتفاعل المشاركون مع هذه الأسئلة ويجيبون عليها على المستويين السياقي والشخصي. يوفر البرنامج بنية مبدئية للمشاركين ليمنحهم في الوقت نفسه مساحة لتشكيل مسار تجاربهم الفردية والجماعية.
يشمل المنهج ورش عمل وعروضًا ومناقشات ورحلات.
المحاضرين/ات المدعوين/ات: سحر القواسمي ونداء سنقرط (مجموعة ساقية) وجمانة إميل عبود وكريم اسطفان وفراس شحادة وإسلام الخطيب (مجموعة ويكي الجندر) وريف فاخوري ودينا بطاينة ونجود عاشور (مجموعة تغميس).
* تعقد غالبية الجلسات باللغة العربية. ستتوفر ترجمة فورية للجلسات التي تعتمد الإنجليزية عند الحاجة.
البرنامج
الجزء الأول: المشهد من "الأرض المحايدة"
يقوم الخطاب السائد حول الأزمات الإيكولوجية والبيئية على فصل المشكلة عن جذورها التاريخية والاقتصادية، ويتم تقديمها كمعظم الأزمات على أنها أحداث غير متوقعة وغير مقصودة ومفاجئة، والوباء الحالي مثال على ذلك. ومع ذلك، يقع الدمار البيئي في صميم المشروع الحداثي والاستعماري الذي قام تاريخيًا على الاستخراج وإعادة هندسة النظم الإيكولوجية المحلية واستغلال قوة العمل باسم الازدهار والنمو والتقدم، أي التفكير بمحو الاستعمار كنوع من التطهير.
سنسكتشف في هذا الجزء من البرنامج التأثيرات ما بعد الاستعمارية على الإيكولوجيا وخطاب "الأنثروبوسين" والرقمية والصراع الإيكولوجي والحوسبة والجماليات والقيمة. بدراسة التفاعلات بين النظم الإيكولوجية الأصلية والتلويث الاستعماري والطرق التي يؤثر بها كل ذلك على الحياة، سنبحث في ممارسات الفن ما بعد المفاهيمي/الفن المعاصر من خلال منظور التفكير الإيكولوجي.
الجزء الثاني: مشاهدة العالم وبنائه أثناء اليقظة
ماذا يعني أن نشهد عوالم أخرى محتملة من داخل كارثة (إيكولوجية، سياسية، اقتصادية)؟ كيف يمكن لمفهوم "عدم الوضوح" الذي اقترحه الشاعر والمنظر المارتينيكي إدوار غليسون أو الروابط بين الذاكرة والمستقبل في الحركة الأفرو-مستقبلية وفي مخيلة الشعوب الأصلية إعادة توجيه فهمنا لشخصيات شاهدة شعبية كحنظلة ناجي العلي؟ ستستكشف هذه الندوة نظريات الشهادة التي تتجاوز خطابات الصدمة الاجتماعية والقانون الدولي، وبدلاً من ذلك تستمد من الممارسات الفنية والاجتماعية في "التخيل" و"التأمل" و"بناء العالم". بمواءمة أنفسنا مع الظروف الخاصة والمؤقتة التي مرت بها المجتمعات المختلفة خلال الكوارث، سنبحث عن أنماط شهادة كبناء للعالم تتحدى الرأي القائل بأن" تخيل نهاية العالم أسهل من تخيل نهاية الرأسمالية".
الجزء الثالث: استرجاع البرّيّة في التعليم/البيداغوجيا
برنامج استرجاع البرّيّة في التعليم/البيداغوجيا يأخذ فعل "إعادة بناء الطبيعة البرية" كنقطة انطلاق: إعادة بناء التربة من ويلات الزراعة الأحادية وإعادة بناء ثقافات المعرفة المحلية من الاستعمار والانتهاك النيوليبرالي. "إعادة بناء علم البيداغوجيا" هو نهج لتصوّر شبكات وأنظمة وعمليات جديدة يمكنها التوسط في تكوينات مكانية واجتماعية جديدة ضرورية لواقع سياسي واجتماعي واقتصادي وبيئي ومادي جديد. يتطلب هذا النوع من الزراعة عملًا شاقًا يعدّ في أساسه عملية إبداعية وتعاونية. وكجزء من الأكاديمية الصيفية في دارة الفنون، سنتعمق في عمل ساقية الجاري في تخيّل وإنشاء شبكة بيئية عالمية من هياكل الحدائق المصممة لتتماشى مع حرف وعلوم السكّان الأصليين، وسنستظهر صلة بين الفن والبنى التحتية العابرة في شكل منحوتات اجتماعية تقدم تواصلًا أكثر من بشري مصفّى من الاستعمار.
الجزء الرابع: "عرّافو/عرّافات الماء"
عرّافو / عرّافات المياه قادرون/ات على تحديد مصادر المياه ورؤيتها، غالبًا باستخدام أدوات العرافة. من أجل تحديد مصادر المياه، لا بد لنا من أن نصدّق بأن للماء حضور مادي وميتافيزيقي روحاني – نتخيل بأن الماء موجود في داخل أنفسنا كما هو خارجها، ونبحث عن الماء في القصة وعن القصة في الماء. نتخيّل الورشة كمنصّة استكشاف مفتوح للعجائب والحكايات الشعبية، واستكشاف ارتباطها بالموروث والبيئة الطبيعية، وننظر إلى المشاركين على أنهم عرّافون/ عرّافات، يتم توجيههم/ن لإيجاد موقع الحكايات داخل أنفسهم/ن وفي محيطهم/ن. من خلال العمل في الطبيعة في عين قينيا، والاستفادة من خبرة الفنانة جمانة إميل عبوّد في فن الأداء والتي ستستخدم في ورشة العمل التدريبات والحوارات الجماعية التي تعتمد على سرد القصص.
نرى ورشة العمل المكثفة كميدان للإبداع التجريبي الذي يحفر مسار القصص عبر الأرض وفي مجاري مياهها. ستشمل أدوات العرافة الرسم باستخدام مواد مختلفة والعمل المرتبط بموقع محدد وفن الأرض، وكذلك توظيف حركة الجسم والصوت؛ كل ذلك سوف يتحول إلى ورشات عمل إضافية لاحقاً.
إن ممارسة الفن الأدائي واستكشافه - بدءًا من الرسم الحركي والأحداث وفن الأرض والعمل الصوتي والفيديو، واستخدام التمارين الفردية والجماعية - سيكون بمثابة المُحاور بين المكان والقصة. بعبارة أخرى، فإن التدريبات في فن الأداء "تُحاور" ما بيننا نحن العرافين/ات والبيئة الطبيعية من حولنا.
ورشة: تغميس بالطين
"لیست الأرض ما نمشي علیه فحسب بل أيضًا مصدر حیاتنا بكل أشكالها؛ طعامنا ومسكننا وثقافتنا ووجودنا. تحت وداخل التراب توجد حياة رغم أننا لا نراها. في هذه الورشة سننغمس بالطین ونفهم ماذا یُشكل لكل شخص منا؛ نتقرب منه ونتعرف على أنواعه وخلطاته وشخصیاته. نرید أن نفهم التراب ونلمسه ونشمه ونُجرب فیه ونخلق منه.
على مدى یومین سنسعى لبناء علاقة بالطين باستخدام أیادینا قبل أن نتأمل التجربة من خلال نقاشات نهضم من خلالها المعرفة التي تكونت لنشكل معانينا الخاصة بالطين. في هذا المطبخ الاجتماعي سترافقنا صدیقة الطين والتراب نجود عاشور لننغمس بالطين ومن ثم بالنقاشات والأفكار والأكل لنشكل معارفنا".
الحضور
سیقام برنامج الأكادیمیة الصیفیة في الفترة ما بین 1 حزیران و تشرين الأول 2021. ومن المتوقع أن أن یلتزم المشاركون بمساحة المحادثة من خلال حضور جمیع الجلسات.
دارة الفنون
دارة الفنون هي دارة للفنون والفنانین من العالم العربي. كانت بدایتنا منذ العام 1988. تضم دارة الفنون الیوم ستة مباني تاریخیة تعود إلى عشرینیات وثلاثینیات القرن الماضي، وموقع أثري في الحدیقة، تم ترمیمها جمیعًا. نهدف إلى توفیر منبر للفنانین العرب المعاصرین، لدعم الممارسات الفنیة والتبادل الفني، وتحفیز الخطاب النقدي، وتشجیع البحث في الفن العربي وتوثیقه وأرشفته.
تستوحي الأكادیمیة الصیفیة لعام 2021 برنامجها من أكادیمیة دارة الفنون الصیفیة 1999-2003 التي تأسست في الذكرى العاشرة لتأسیس الدارة لتوفر فرصة هامة للفنانین الناشئین للدراسة والعمل تحت إشراف الفنان السوري الراحل مروان. على مدار أربع سنوات، التحق بالأكادیمیة أكثر من 60 فناًنا من الأردن وفلسطین وسوریا ولبنان ومصر والعراق.