فقدنا في 2022 صديقاً عزيزاً وعضواً فخرياً في المجلس الاستشاري لدارة الفنون، وهو المفكر والمهندس والاقتصادي والمؤرخ ومقتني الفنون والوثائق الدكتور هشام الخطيب.
على مدار 40 عاماً، عمل الدكتور هشام بتأن وحرفيّة على البحث والتوثيق وتجميع المقتنيات الفنية، بما في ذلك مئات من لوحات الألوان المائية والزيتية وآلاف النقوش ومطبوعات من الألواح الحجرية والأعمال المحفورة الفريدة، بالإضافة إلى العديد من الصور الفوتوغرافية والخرائط والأطالس والكتب المصوّرة القيّمة، مما يجعل مجموعته من أكبر المجموعات الخاصة.
ولد الدكتور هشام في عكا عام 1937 وعاش في القدس حتى عام 1974، حيث بدأ مجموعته من القدس وامتدت لتشمل باقي الأراضي الفلسطينية والأردن ومصر ومناطق أخرى كانت خاضعة لحكم العثمانيين. توفر المجموعة بمحتوياتها وتنوعها قيمة وثائقية وتاريخية لا تقدر بثمن، بما تتضمنه من تسجيل لمظاهر الحياة والآثار والمناظر الطبيعية كما كانت موجودة خلال الفترة العثمانية.
يقول الدكتور هشام في وصف مجموعته "تم الحصول على القطع الفنية بشكل أساسي من خلال الارتكاز على المعرفة وتكريس الوقت والمثابرة عوضاً عن استغلال النفوذ المالي. بناء عليه، لا تحتوي المجموعة على الأعمال الشرقية الغريبة والباهظة الثمن لقصور الجواري والأسواق الزاهية بالألوان والحمّامات العربية".
يأخذنا هذا المعرض في رحلة إلى داخل ذهن الدكتور هشام الخطيب، حيث نُلقي نظرة على العديد من صور المناظر الطبيعية الخلابة والخرائط والكتب التي أثارت اهتماماته. يتجاوز اختيار الأعمال المعروضة النظر إلى الصور ذات الأسلوب الاستشراقي في تصوير الشعب والثقافة، حيث تركز الأعمال على العلاقة بـ "الأرض المقدسة"؛ من خلال الجيولوجيا وعلم النبات والجغرافيا ورسم الخرائط.
كان لمعرفة الدكتور هشام الواسعة بالآثار وطبوغرافيّة المكان دور محوري في العثورعلى قطع ثمينة ونادرة والحصول عليها. يعود السبب في ثراء المجموعة إلى معرفة الدكتور هشام ومثابرته وصبره.
شغل الدكتور هشام الخطيب سابقاً عدة مناصب رسمية ضمن مجالس الوزراء الأردنية منها وزير الطاقة والثروة المعدنية ووزير المياه ووزير التخطيط. الدكتور هشام هو أيضاً مؤرخ خبير وجامع أعمال فنية قام بنشر العديد من المؤلفات حول هذا الموضوع منها كتاب "القدس وفلسطين والأردن" وكتاب "فلسطين ومصر تحت الحكم العثماني"، حيث تم نشرهما في عمّان والقاهرة ولندن ونيويورك. شغل الدكتور هشام أيضاً منصب نائب رئيس مجلس الإدارة الفخري في مجلس الطاقة العالمي ورئيس اللجنة الإدارية لمنتدى الفكر العربي، كما كان عضواً في العديد من اللجان الدولية والإقليمية المعنية بالطاقة والبيئة والتكنولوجيا بما في ذلك لجنة الأمم المتحدة المعنية بتسخير العلم والتكنولوجيا لأغراض التنمية، والاتحاد العالمي للعلماء، بالإضافة إلى عدد من جمعيات السفر ودراسات الشرق الأوسط والأراضي المقدسة الأخرى.
الصورة: القدس المباركة. طبعة من لوح نحاسي. جانسون (1657). مجموعة الدكتور هشام الخطيب.