يسرنا أن نعلن عن إطلاق منشور "أنظمة مناعة وأجسام مضادة" بمناسبة افتتاح معرض "إنترنت الأشياء: عالم آخر ممكن" بصيغته الثانية. "أنظمة مناعة وأجسام مضادة" هو تمرين في النشر أونلاين كممارسة فنية/عمل تنسيق فني، انطلاقا من ”حالة الإصابة“ ونحو سياسة تعافي وشهادة مغايرة. كجزء ثانٍ متمم لمنشور إنترنت الأشياء الأول بعنوان "انزلاقات زمنية، عتبات ممتدة"، يتضمن "أنظمة مناعة وأجسام مضادة" مساهمات من الفنانين المقيمين ومشاركين في البرنامج تبحث وتتأمل في هشاشة الجسد والباطن تحت حالة الطوارئ الدائمة.
في "اجتماع المشتتين"، يستكشف سليمان مجالي الآثار العاطفية التي تقع على الجسد المنفي وباطنه تحت العنصرية البيضاء والفضاء السيبراني الرأسمالي. وعلى نحو مماثل للطرق التي تمكّن حديقة الشتات من العيش كموقع وحيّز للانهيار والطيّ، يجمع الفنان مواد زلقة يصعب الإمساك بها أو التحدث عنها، طالباً منا التأمّل في عمليات البحث باعتبارها انزلاقات وتمزقات وانشقاقات، تَذكُّر واستحضار، بخلاف بحث وإيجاد. ويتأمل عمر عادل في "إحم إحم. هل تسمعني الآن" في الوضع الراهن، وعلاقات القوة بين الأنظمة المسيطرة والأفراد، وكذلك الحميميّة كمنتج رائج في زمن التباعد الاجتماعي. استناداً إلى بحث الفنان حول اضطرابات البنى السياسية، إذ يجسّد العمل محاولة لإيجاد طرق بديلة لفهم والتعامل مع النضال التحرري. أما في "الرسم في الفوضى" تقوم بيان كيوان وجوليانا فاضل-لاتشكيف، بإعادة توظيف مسرح الذاكرة لجوليو كاميللو كبنية شكلية ومحاولة للتعامل مع وتنظيم فوضى الوباء والانتفاضة في مدينة نيويورك، حيث تسكن الفنانتان حالياً. لا كاستجابة و إنما لصياغة مركبات من زخم اللحظة، تُقارب المواد بطريقة ريزوماتية لبناء أرشيف ذاتي "غير واضح". أما في ”الهــروب مــن الأرض: الرحلــة المخترعــة“ لإِرن إيليري، يتجاوز الفنان تجليات اللحظة العالمية الراهنة في اليومي أو الدنيوي، حيث يستعير عناصــر مــن ألعــاب الفيديــو الحيّــة وصيــغ Let’s Play في سلسلة من الإيمائات الأدائية التي تنعكس على أخلاقيـات الرحـلات الفضائيـة، ومـا بعـد الإنسـانية النقديـة، وعلـم نشـأة الكـون، والتكافـل، وسـرديات الهـروب.
ويختتم المنشور بمقالتين لكل من أماني أبو رحمة وكريم اسطفان. متناولة نماذج معاصرة للسياسات النكرووية في ضوء اندلاع الأعمال العنصرية ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية، والسياق الفلسطيني، وجائحة كورونا، حيث تفكّك أماني أبو رحمة مصطلح أشيل مبيمبي (السياسات النكرووية) ببعض التفصيل مع إشارة مهمة لميشيل فوكو ومفهومه عن سياسات الحياة. ويكتب كريم اسطفان حول النظرة النقدية لطرق الرؤية العنصرية والاستعمارية، متأملا في مفهوم إدوارد جليسانت حول "الحق في عدم الوضوح"، ومفهوم سيمون براون حول "المراقبة الغامقة" أو "المراقبة من أسفل"، ومختلف ممارسات الإصلاح والمقاومة في الفنون والحركات الاجتماعية، وذلك في سياق علاقتها مع الإغلاق الذي تسبب به كوفيد-19 و ما نتج عنه من اقتحام تكنولوجيا الحضور عن بعد لحياتنا اليومية بشكل متسارع.
تنخرط التكتلات المختلفة من img. و txt. مجتمعةً في الكارثة المتكررة الناتجة عن البنى المهيمنة وآثارها على ذات/جسد "التابع." وهي تستكشف ديناميكيات الأنظمة والشبكات العنيفة، وضائقة الوقت التي يعززها الفضاء الرقمي. متكشفةً في مواجهة "حاضر اختفى فيه المستقبل"، فهي تبني كذلك على أنطولوجيا مختلفة لـ"التجسّد" في سياق مساحات/عوام متواجدة بين الأونلاين والأوفلاين، مستحضرةً خطوط انفلات أخرى، وحضور جماعي عنيد، و سياسات متمردة قائمة على التعافي والمستقبلية.