"الفلسطينيون أناس لا يريـدون أكثر من حقهم المشروع في ممارسة وجودهم الطبيعي. لكن المعوّقات والممنوعات تعترض سبيلهم في كل حركة، بل تقتحم صلب حياتهم الخاصة. إنهم حائـرون واجمون، يتلمسون الخطى بحذر وتؤدة، فـوراء كل شارع موت يتربص بهم. ولدى كل منعطف خطر كامن. إنه وجود قلق كلما حاول التكيّف مع حالة صعبة، يواجّه بما هو أشد صعوبة. ولعلّ ذلك هو فحوى المعرض الذي يحتل قاعات دارة الفنون - مؤسسة خالد شومان، تحت عنوان "الجـدار والحواجـز". [...]
غالباً ما يواجه الفنانون على وجه خاص تحديات كبيرة حين يقدمون على معالجة أي موضوع يمس قضية في الشأن العام. فالتوصل إلى حالة من التوازن ما بين استخدام لغة تعبير فنية عالمية ومعالجة موضوع محلي محض، أمر ليس من السهل تحقيقه. فهم أبـداً في سباق مع مخيلتهم لاستيعاب مجريات أحداث ووقائع فاقت وتفوق التصور. لكن ثلاث فنانات وفنانين اثنين استطاعـوا أن يحلّقوا في فضـاء فلسطين، ويخترقوا الموانع ليقيموا معرضهم المشترك هذا بأفكار خلاّقة ورؤى متنوعة، ارتقت بالحدث السياسي إلى مستويات تعبيرية إنسانية رفيعة اعتمدت لقطات مكثّفة موحية، باستخدام تقنيات السينما والفيديو والصور الفوتوغرافيـة. [...]
لعـلّ مصطلح الهوية الذي هو موقع خلاف بين المبدعين والمفكرين والباحثين، يتسلل داخل الأعمال المشاركة في هذا المعرض الذي تناولت المسألة على نحو مباشر أو غير مباشر، إنها المحتوى. وهي الانتماء بكل ما تحمله هذه المفردة من دلالات."
- مي مظفّر، "الجدار والحواجز"، دارة الفنون- مؤسسة خالد شومان (2006)