تستكشف هذه المحاضرة الإمكانات الخيالية والمنهجية والوجودية العميقة التي يقدمها الخيال العلمي في العالم العربي للناس في جميع أنحاء المنطقة أثناء مواجهتهم أزمات متعددة: الانتفاضات الشعبية والاستبدادية والظلم الاجتماعي والاقتصادي، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. يستكشف أيضًا المحاضرة الجذور التاريخية الإقليمية العميقة لهذا النوع الفني مع الأخذ في الاعتبار أيضًا ما يشير إليه تدفق إنتاج الخيال العلمي المعاصر من المنطقة من الاحتياجات والرغبات السياسية الحالية ومركزية النوع الاجتماعي والعرق والديناميكيات الطبقية لإعادة تصور المستقبل. تُحيل المحاضرة إلى أعمال أدبية وسينمائية وبحثية لتستفسر عن امكانية قيام الخيال العلمي بشقيه اليوتوبي والدستوبي بفتح مساحات للأمل والفعل. و أخيرًا، تتأمل المحاضرة في احتمالات بناء العالم المتوازية في كل من الخيال العلمي والثورة، وكذلك في الأدوات التي يقدمونها لنا بغرض إعادة تخيل الماضي وإعادة تأطير الحاضر.
نادية سبيتي أستاذة مساعدة في مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية (CAMES) في الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، وهي أيضًا مؤسسة مشاركة ومحررة مشاركة في موقع جدلية.
هذه المحاضرة هي جزء من سلسلة "بناء العالم أثناء اليقظة" من تنسيق كريم اسطفان والتي تأتي في سياق مشروع معرض "إيكولوجيات ما بعد الاستعمار."
بتسارع الاحتباس الحراري، تلوح في الأفق ظاهرة انقراض جماعي سادسة. تنتشر المشاهد الكارثية عبر شاشاتنا وتكاد تحجب لمحات منفلتة من عوالم أخرى محتمَلة. ولكن لأولئك الأكثر عُرضة للعنف البطيء للرأسمالية الاستخراجية والاستعمار الاستيطاني، فإن نهاية العالم ليست بجديد. على حد تعبير الباحث الراحل باتريك وولف، ليست نهاية العالم حدثًا بل بُنية؛ الكارثة مستمرة، أو كما تغنّي جون تيسون في أغنية "الفضاء هو المكان" لصَن را، "إنها بعد نهاية العالم – ألا تعرف ذلك بعد؟" تعمل الذكريات الجمعية للعديد من العوالم التي لم تنجو من عالم الحداثة الاستعمارية "الجديد" على تحريك فكرة بناء العوالم في الحركات الأفرو-مُستقبلية والمُستقبلية-العربية ومُستقبلية الشعوب الأصلية وكذلك مُستقبليات ما بعد الاستعمار الأخرى. وبصفتها تصورات مُستقبلية مُجرّدة من مُستقبلية الرأسمالية، تعيد هذه الأنشطة التأمليّة توجيه المُخيلة نحو شِعريّة وسياسة بناء العالم عقب الكارثة، بحيث تعود دائمًا رؤى ما لم يأتِ بعد إلى ممارسات ونظريات معرفية وأحلام أولئك الذين صودرت أو دمرت عوالمهم، وتقترح وَعيًا إيكولوجيًا يفهم الإبادة الحالية للنظم الإيكولوجية المُتنوعة بيولوجيًا على أنها مُستمرة مع تواريخ الاستعمار والاستعباد والإبادة الجماعية. بموضَعة الممارسة التأملية لبناء العالم كفِعل شاعري لإصلاح الإيكولوجيات الحالية والمستقبلية في أعقاب العنف الإمبريالي، ستضم هذه السلسلة فنانين وكتّاب وباحثين يتجاوزون التفكير بما وراء "المستقبليات الخضراء" وصولًا إلى تخيّل عالمٍ تَحوّل نتيجة محو الاستعمار وتراجع النمو، عالمٌ يزرع بُنى رعاية وقرابة تتجاوز الإنسان.
كريم اسطفان كاتب ومحرر وناقد فني ومُدرّس وطالب دكتوراه في الثقافة الحديثة والإعلام في جامعة براون. يبحث اسطفان في شعرية الشِهادة وبناء العوالم في الثقافة البصرية الفلسطينية. اسطفان هو زميل دارة الفنون لعام 2021.