فنان
أحمد نعواش

فلسطين، 1934 - الأردن 2017.

"يخاطب أحمد نعواش في عمل "القضيّة الفلسطينيّة" (غولدا مائير والجنازة)، 1973 استشهاد الجسد الوطني، حيث يجلّل العلم الفلسطيني تابوتاً يظهر من حجمه أنّه لطفل. بينما يسند النعش قدمان تشاركان رأس الشهيد وذراعه المتدليّة. وكما في نهايته، يندمج النعش مع الجزء العلوي لجسد امرأة في انحناءة غريبة، بينما تحرّك اصبعها فوق الطفل في محاكاة لطقوس التكفين. يظهر في المشهد أيضاً ثلاثة أشخاص، يميل جسد أحدهم كما تميل المرأة ويشارك ساقاً معها. بينما يأخذ الآخر شكل جذع مستطيل معزول. ويتكوّن جسد الثالث من شكل بيضاوي تحاصره يد ويستند إلى قدم مدبّبة متناهية الصغر. في هذه الشخصيّات، تمكن رؤية طفل ميّت، وامرأة ناحبة، ووالد عاجز، واثنان من المعتدين الذين ادّعوا لأنفسهم دور لفظ معنى الموت.

من المهم الأخذ بعين الاعتبارمؤقتيّة هذه الصفات الحتميّة. إذ سيؤدّي حصر هذه الصفات في هويّات آمنة إلى تجاهل تعمّد أسلوب نعواش الغامض. فوراء هذه الرموز الوطنيّة المشحونة بالعاطفة – كالعلم الفلسطينيّ- نادراً ما يمكن الاستدلال على أعراق هذه الشخصيّات. إذ أن أكثر ما يميّزها هو الكيفيّة التي تلمح، بهزل، إلى شخصيّات من لوحات خوان ميرو وبابلو بيكاسو. فالشخصيّات غير متناسبة، مجزّأة وملصقة بعبثيّة. ويمكن لكتلة تشريحيّة واحدة أن تمزج ثلاثة أجساد حيث يشارك رأسها ثلاثة جذعان، أو أن يشارك جذع واحد أقدام المعتدين عليه. كما لو أن نعواش يسعى لإظهار التناقض والارتباك اللذان يكمنان في هذا النوع من الوجود المحاصر.

ومع ذلك، توجّه عناوين مثل "الانتفاضة"، و"القضيّة الفلسطينيّة" بحسم خط سير التكعيبيّة الفرنسيّة والسرياليّة المعاصرة إلى منطقته الأصليّة، حيث يواجه الجسد العربي الاحتلال الوحشيّ والاستعمار، كما يواجه الفن الرفيع والحداثة الكونيّة. والجانبان موجودان بصريّاً في أعمال نعواش. كل جهة يتم تمثيلها، وتكتسب عمقاً بعلاقتها مع الآخر: حيث تصبح الحداثة كونيّة من نشأتها في بيئات غير حضريّة، وحيث يصبح العرب صنّاع وموضوعات الفن الرفيع عبر استيراد الأساليب الحضريّة".

مقتطف من مقال كريستين شيد، بين وعد الحياة والهشاشة: الجسد العربي في مجموعة خالد شومان الخاصّة، قراءات في الفن العربي، مؤسّسة خالد شومان، 2013

متعلّقات